admin المدير العام
عدد المساهمات : 808 نقاط : 2388 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 13/11/2009 العمر : 53 الموقع : https://shwaikah.ahlamontada.com
| موضوع: نبيذُ..خبزٌ..وقصائدُ 'زليخة أبو ريشه' الأربعاء مارس 17, 2010 5:29 pm | |
| نبيذُ..خبزٌ..وقصائدُ 'زليخة أبو ريشه'
اسم الكاتب : طارق الكرمي طارق الكرمي / هَبَطَتْ بنا الطّائرةُ بعدَ وعثاءِ سفارٍ من سلطنةِ 'عُمانَ' ثمَّ إلى 'بيروتَ' لِنُلقي بأحمالِنا في الأردنِ..بعدَها بيومينِ وفجأةً قالَ لي صديقي الشاعر 'يوسف عبد العزيز' سوفَ بعدَ قليلٍ نذهبُ إلى 'زُليخة أبو ريشه'.كانَ هذا الحديثُ في سيّارةِ 'يوسف عبد العزيز' حينَ تعسّرتِ الأمورُ بنا أنْ نذهبَ على مقهى في وسطِ عَمّانَ..هذا وقد كانَ قد حدّثني 'يوسف عبد العزيز' عن 'زليخة' حين كُنا نقيمُ أمسياتِنا الشِّعريّةَ معاً في 'مسقطَ و'صُحاؤ' وجامعةِ السّلطانِ 'قابوسَ' وقد خطّطنا للذّهابِ إلى الشّاعرةِ فورَ وصولنا إلى 'الأردنِ'..وعلى عجلٍ هاتفَ 'يوسف' الشّاعرةَ 'زليخة أبو ريشة'.وبعدَ ربعِ السّاعةِ انطلقنا إلى منزلِها الكائنِ في منطقةِ (أبو نصير) وهو على مبعدةِ رميةِ عينٍ من منزلِ صديقي الشّاعرِ 'يوسف عبد العزيز'..
وصلنا منزلَ 'زليخة' الشّاعرة..درجاتٌ خمسٌ أو أكثرُ قليلاً أو أقلُّ وبابٌ من شبكٍ حديدٍ..ممرٌ للخطى الصّغيراتِ فقط..مسربُ سبيلٍ إلى سماءٍ منزليّةٍ..وإذ أنتَ في الحديقةِ المُنزلةِ التي تعتني بها 'زليخةُ' كقصائدِها. وما أن وصلنا حتى فتَحتْ لنا الشّاعرةُ صدرَ منزلِها مُرحِّبةً بحفاوةٍ. امرأةٌ بخفّةِ السّنونو وهي سِمِيّةُ الرّيشةِ في الجناحِ.. و لها جاذبيّةٌ أبعدُ من أنْ يكشفَ عنا نيوتُنَ لو استعملَ أو أنفقَ كلَّ تُفّاحِ الأرضِ..'زليخةُ' شجرةُ التّفّاحِ والجاذبيةُ العكسيّةُ هيَ..كانَ البردُ ناعِماً يدهنُ الجوَّ. جلسنا أنا وصديقي الشّاعرُ في صالونِ المنزلِ. تحفٌ وكتبٌ تكادُ تنفتِحُ لكَ.. لكنَّ 'زليخةَ' الكتابَ الأحدَ الذي يقرأُ نفسَهُ علينا.
أذكرُ ..ممنوعٌ التدخينَ مطلقاً في منزلِ الشّاعرةِ..وهي تعرفُ أنَّ شراهَتَنا في رضاعةِ السّجائرِ كبيرةٌ وهجينةٌ. استأذنا لندخِّنَ سيجارتَيْنا عندَ بابِ الحديقةِ ولقد لحِقتْ بنا الشّاعرةُ لنستغرِقَ في الحديثِ عن رِحلتنا إلى (سلطنةِ عُمانَ..عن 'مسقطَ' و'الخوير' و'صُحارَ'.و'نزوى'..عن الأمسياتِ الشِّعريةِ التي أقمناها هناكَ وكيفَ حطّتْ بنا الطّائرةُ في بيروتَ اللهِ).. وفي الحديقةِ بشرٌ مزروعونَ.. إنّهم خليقةُ 'زليخة' في الحديقةِ زُرِعوا..صَبّارٌ مُختلِفٌ..نزجِسٌ بسيقانِ طائرِ الماءِ..كأنّهُ النّبتُ السوريالِيُّ..كأننا في الجنّةِ الحقِّ..وكانتْ مُدّادةٌ تتعربشُ أو تزحفُ إلى الأعلى مغطّيةً واجهةَ منزلِ الشّاعرةِ..المُدّادةُ لا تتوقّفُ عن الزّحفِ إلى عَلٍ..هذهِ مُدّادةٌ يا 'زليخةُ' أم أنفاسُكِ..هذهِ مُدّادةٌ أمْ أنفاسُ مَنْ صُعُداً تزحفُ..
بهيةٌ هي 'زليخةُ' الشّاعرةُ. فاجأتني أنَّ مَسقِطٌ رأسِها في ضاحيةٍ من ضواحي مدينتي (طولكرم) السّاحليةِ..لقد أنجبتها أمُّها 'آمنةُ الشيخ علي' في ضاحيةِ 'شويكة' وهي نفسُ الضاحيةِ التي اقتتلَ فيها جيشُ الفرعونِ مع جيشِ الحاميَةِ الكنعانيِّ وكانتْ تُسمّى ب'تل سوكو'..مرحى إذاً ل'شويكة' مسقِطِ رأسِ 'زُليخةَ'.قالتْ لي إذاً أنتَ مُدخِّنٌ فادحٌ..طلبتُ منها شيئاً يخصُّ عُدّةَ المُدخِّنِ وبكلِّ رحابةٍ قالتْ: أهديكَ علبةَ قدّاحةٍ مصنوعةٍ من الفِضّةِ ومِنفضةٌ خاصّةٌ تشبهُ العلبةَ وهي مصنوعةٌ خصّيصاً لأن يضعها المُدخِّنُ في حقيبتِهِ أو في جيبهِ..فمن الممكنِ أن يذهبَ المُدخِّنُ إلى أمكنةٍ يُحظرُ فيها التّدخينُ فما عليهِ إلا أنْ يُفاجىءَ الظّرفَ ويخرجها..أنا (كما قالتْ لي) أقلعتُ عن التّدخينِ منذُ مُدّةٍ واحتفظتُ بعُدّةِ تدخيني وهي لكَ..كنتُ أقولُ في نفسي لا بدَّ أن أهديها إلى شخصٍ عزيزٍ وها هي من نصيبِكَ..وهكذا قالت لي الشّاعرةُ وهكذا صارَ بحوزتي عُدّةُ تدخينِها وأنا أستعمِلُها الآنَ..يا للمساءِ المُجنِّحِ بنا
ألَحَّ بصداقةٍ كبيرةٍ صديقي 'يوسف' أنْ تقرأَ الشّاعرةُ شيئاً مما تشاءُ..فاختارتْ هي أن تقرأ من ديوانِها (جوى) وأنْ نحوِّلَ الجلسةَ إلى أمسيةٍ شعريّةٍ..شاعرٌ وجمهورٌ من شخصينِ وهذا كافٍ حقّاً وهذا كافٍ لأنْ نقيمَ أمسيةً مِن شاعرٍ وجمهورٍ مِن شخصينِ..فوافقت الشّاعرةُ مُبتهجةً فقرأتْ علينا مما تيسرَ لها في (جوى)..ولكي لا أنسى فقبلَ أنْ تفتتحَ 'زليخةُ' صالونَها إلى أمسيةٍ فقد تجهزت بالنّبيذِ..زجاجةٌ من عام 2007 وهو نبيذٌ فرنسيٌّ سَلِسٌ من نوعٍ ممتازٍ وجبنةٌ أتتها مِن 'مِصرَ' ولتيتُ خبزِ الشّوفانِ..وللحقِّ إنَّ 'يوسف عبد العزيز' قد أقلعَ عن المشروبِ منذُ أعوامٍ قليلةٍ حسبَ ما أخبرني منذُ 2003. حسنٌ..نبدأُ بجرعاتٍ خفيفاتٍ من النّبيذِ الفرنسيِّ..أيَّ نخبٍ سوفَ نشربُ على شرفِ الشّاعرةِ..المساءُ وليمتُنا الهابطِةُ مِنّاً وسلوىً وقصائدُ وجبنةٌ ولتيتُ خبزِ الشّوفانِ..أيّةُ مائدةٍ سماويةٍ تنفرِدُ لنا..
قرأتْ 'زليخةُ' الشّاعرةُ علينا من ديوانِها فأُدخِلنا الجوى..استمتاعٌ لمدّةِ ساعةٍ..جعلنا الشّاعرةَ تقرأُ كامِلَ ديوانِها بمحبةٍ..كنّا نغمُسُ المساءَ بالنّبيذِ..يا للمساءِ المُبلّلِ ريشهُ بالنّبيذِ..المساءُ قَدَحُنا العظيمُ المُعظّمُ..إذاً
نبيذٌ فرنسيٌّ وقصائدُ وجبنةٌ ملكيّةٌ صفراءُ وخبزُ شوفانٍ..المساءُ كانَ يهبطُ رويداً بنا على أجنحةِ بردٍ حريرٍ..ثمَّ جاءَ دوري لألقي بينَ يدي المساءِ نصوصاً مُنفلتَة ًو متفرِّقاتٍ..جمهورٌ من شخصينِ وكانَ المساءُ ثالثَ الجمهورِ فهوَ يصغي أيضاً ببردهِ الخفيفِ وخفقِ قوادمَ لطيرٍ هائلٍ وخفيٍّ.نبيذٌ يدورُ بنا سطوةً وئيدةً..نحنُ نحتفي بكلِّ ما لدينا..المساءُ مصابٌ بنا..بالنّبيذِ وبالقصائدِ التي أمستْ أجنحةً لكلِّ شيءٍ..أثناءها دَهَمَ 'زليخةَ' خبرٌ مُتعجِّلٌ باتصالٍ هاتفيٍّ: أنّها فازت بمنحةٍ من الصندوق العربي للإبداعِ فطارت وطيّرتنا معها..وجهاكما جميلانِ عليَّ فاحتضنتنا..أنا و'يوسف عبد العزيز'.هذا مساءٌ بل يومٌ لا ينسى..ولنْ نكونَ الثّقيلينَ البتّةَ على 'زُليخةَ' الشّاعرةِ..لديها موعِدٌ ولنا أنْ نَخِفَّ بأحمالِنا..وللحقِّ كانتْ الأمسيةُ ..المساءُ..الجبنةُ الصّفراءُ..خبزُ الشّوفانِ..النّبيذُ الفرنسيُّ..وليمةً سماويّةً..كلُّها كانتْ مِنْ ماركَةِ 'زليخة أبو ريشه'..كلُّ ما كانَ لدينا ذلكَ المساءَ كانَ من عِيارِ 'زُليخة'..
السّلامُ إذاً على أمِّنا 'زُليخهْ'.. | |
|